إعادة توجيه الترقية الأكاديمية نحو البحث التطبيقي

بقلم

د. قاسم محمد كوفحي

الشارقة – دولة الإمارات العربية المتحدة

في ظل التحديات المتسارعة التي تواجه المجتمعات المعاصرة، تبرز الحاجة الملحّة إلى البحث العلمي التطبيقي الذي يسهم في تقديم حلول عملية لقضايا واقعية تمس حياة الناس اليومية. ورغم أهمية البحث النظري في تطوير المفاهيم وتوسيع آفاق المعرفة، إلا أن التركيز المفرط على هذا النوع من البحوث، كما هو الحال في كثير من الجامعات الأردنية والعربية بشكل عام، قد أفضى إلى تراكم هائل في الأوراق العلمية التي تفتقر إلى الأثر الفعلي في المجتمع، ولا تتجاوز حدود النشر الأكاديمي.

إن النظرة السائدة إلى الترقية الأكاديمية بوصفها عملية ترتبط بعدد الأبحاث المنشورة في المجلات المصنفة دون الالتفات إلى نوعية هذه الأبحاث ومدى ارتباطها بالقضايا الوطنية، قد أنتجت فجوة بين الجامعة وواقعها الاجتماعي والاقتصادي. فما فائدة الأبحاث التي لا تغادر جدران المكاتب ولا تنعكس على السياسات العامة أو التطوير المؤسسي أو تحسين جودة الحياة؟ وما جدوى المعرفة إن لم تكن قادرة على التغيير والبناء والتأثير؟

لهذا، فإن الدعوة موجهة اليوم إلى الجامعات الأردنية لإعادة النظر في فلسفة البحث العلمي داخلها، من خلال تبني سياسات تشجّع البحث التطبيقي، وتكافئ الجهود التي ترتبط بالمجتمع وتلبي حاجاته. إن تعزيز مكانة البحث التطبيقي في معايير الترقية لا يعني التخلّي عن القيم العلمية والأكاديمية، بل هو دعوة لتفعيل هذه القيم في إطار يخدم المصلحة العامة، ويجعل من الجامعة فاعلًا حقيقيًا في مشهد التنمية الوطنية.

إن الاستثمار في البحث التطبيقي هو استثمار في المستقبل، وهو الطريق الأجدر لتأكيد الدور الريادي للجامعات في بناء مجتمع المعرفة، وربط العلم بالحياة، وجعل المعرفة وسيلة للنهوض لا غاية معزولة عن الواقع.

الشارقة : 28-7-2025

Post Views: 15