عاشق الخيط الوحيد

شعر

قاسم محمد كوفحي

لم أحبّها.
أحببتُ فقط انسياب الليل من رأسها.

كان شعرها طريقًا لا يؤدي إلى بيت،
وكان يكفيني أن أمشي عليه
ولا أصل.

لم أسمع صوتها.
كنتُ مشغولًا بعدّ خصلات الفتنة،
أُسكتُ الكلمات
حتى لا تُشوش على ضوضاء السحر.

 

كانت تضحك،
ولم أنتبه.
كانت حزينة،
ولم أتأثر.
كانت إنسانة،
لكنني كنتُ أحبّ ظلها،
وليس حضورها.

 

كلما تكلّمت،
أردتُ أن تُسكت الريح.
كلما اقتربت،
خفتُ أن يذوب الشعر تحت الضوء،
ويظهر وجهٌ عاديّ…
كوجهي.

 

ما أطول الشعر!
وما أقصر البصيرة.

 

حين قصّت شعرها،
ماتت.

لا، لم تمت هي،
أنا الذي اختفى.

ذهبتُ أبحث عن خيوطها على الوسائد،
على المشط،
في الذاكرة…
لكنني لم أجدها،
لأني لم أكن أحفظ إلا الطول واللمعان.

 

الآن، أقف على باب مرآتي،
أحدّق في وجهي الذي أحبّ امرأةً لم يعرفها،
وأقول:
يا له من حُب…
لم يكن أعمى،
بل كان يرى خصلةً واحدة،
ويظنها جسدًا، وروحًا، وعُمقًا.

 

ما الجمال؟
أهو ما يلمع أولًا،
أم ما يبقى بعد أن ينطفئ الضوء؟
كنتُ أظن أن العين مرآة القلب،
فاكتشفتُ أنها ستارة.

أحببتُ الشعر لأنه لا يطلب شيئًا.
لا يعارض، ولا يتكلم، ولا يتغير.
لكن الحب لا يعيش في الصمت،
ولا ينمو على سطحٍ ناعم.
إنه حفرة،
تسقط فيها، أو تنجو.

 

الآن،
كلما رأيتُ امرأةً ذات شعر طويل،
أنزل عينيّ.
لا خشية من الفتنة،
بل حزنًا على نفسي القديمة،
التي ظنّت أن الحب خصلة،
وليست إنسانًا.

الشارقة : 1-1-2007

Post Views: 13